26.2.08

صغيري


اليوم قرأت مدونة"غادة" و ذكرتني بأيام حملي التي انتهت منذ 8 شهور، لا أدرى لما لم أكتب عن هذه الفترة من قبل، هل لأنى كنت سعيدة لدرجة أنى نسيت الكلمات؟!أم أن الكلمات كانت شديدة العجز أن تصف شعوري و تعبر عنه؟ أم أن احساسي بمخلوق آخر يلازمني دوما كان يغنيني عن كل شئ؟!

أعتقد أن الأخير أصح، ان شعوري بكائن آخر يحيى بداخلي كان بالفعل يغنيني عن كل شئ. كنت أشعر بأنى روحان فى جسد واحد، عندما أغضب أشعر به راكلا معبرا عن غضبه و ثورته، عندما أفرح يرقص فرحا لفرحى، وعندا أحزن كان يتخذ ركنا يجلس به حزينا مثلى. كان دائم العناد مع والده، فكلما انتظر والده أن يراه يتحرك ويلعب كان يهمس لي "أأأه قولي له أنا هنام و مش هتشوفنى...!!"

وأتذكر جيدا كيف كان يرفض الطعام أول ثلاثة شهور و كيف كان نهم الأكل بعد ذلك، يحب كل شئ مملح، يحركني دون وعى أو شعور منى، يمسك بيدي يدفعها دفعا لتناول"المخلل" بشراهه، وعندما كان يرغمني زوجي على شرب اللبن يركلني ويهمس لي"قولي له مبحبهوش" لقد كان جنينا عنده رأى وشخصية مستقلة.

كنت أشعر بنبضات قلبه تسبق نبضات قلبي بثانية واحدة، نعم كنت أشعر بدقتا قلب داخلي لأكثر من أربع شهور. و من الشهر الخامس الى الشهر الثامن كان يعشق النوم بجانب قلبي و كان يضع رأسه عليه كأنه كان يستمتع بدقاته و كنت أنا أشعر كأن الهواء يأبى الدخول و الخروج الى رئتي حتى لا يزعجه، لكنه بعد الشهر الثامن قلت نبضات قلبي وغضب جنيني و تشاجر معه وابتعد عنه و كان كل دقيقة يركله بقدميه-يالك من جنين!!!. و عندما بدأ الشهر التاسع عندما كنت أتحدث تشعر و كأنى كن أجرى من مصر الى بغداد، وكان يهمس هو الي "أنا جاى يا ماما....استعدى لإستقبالي" "اشتريلى بيجاما روز صغيرة قد كف يدك و يكون لها طاقية ولبسيهالى يوم ما آجى...ماشى؟ أوعى تنسى".

وانتهت التسعة أشعر و ظل يتشاجر الجنين ويركل كل شئ، كان يركل قلبي و رئتي و الجهاز الهضمي والعصبي كان يركل كل شئ رافضا المكان الصغير المظلم الصغير الذى أصبح لا يسعه، و جاء "محمد" و نظرت اليه و وجدته مختلفا تماما عما رسمته بخيالي، لقد كان شديد الحركة رافضا كل شئ يقضى وقته كله سابحا ليلا نهارا لا يتعب و لا يمل، أما الان فهو طفل فى منتهى الرقة و الوداعة، لا يقوى على الركل لا يقوى حتى ان يفتح عينيه، انظر اليه وأتأمله و أشكر الله أن أتم نعمته علي بأن وهبني طفلا كاملا حسن الخلقه"اللهم حسن خلقه كما أحسنت خلقه"

أتأمل صغيري الآن وهو يكبر يوما بعد يوم، تحول الآن من الضعف الشديد الى الضعف فقط. يتعلق بي و بوالده أكثر مني حتى أنى أحيانا قليلة أغار. يضحك بشدة عندما يستيقظ و يجدني بجانبه ويبكى بشدة عندما لا يجدني. لا تستهويه الكرة، فهي تهرب منه و تبتعد و هو يأبى الذهاب اليها فلا زال عنده شخصية قوية مستقلة فيظل ينظر إليها حتى تقف و تثبت ثم يذهب الى سيارته الخضراء الصغيرة يلعب بها و يتحسسها بلسانه و شفتيه كأنه "يغيظ" الكرة"الوحشة".

كل ذلك يشعرني بسعادة غامرة لأنى أنا التي احتوت هذا الطفل الرائع الجميل وأنا التي احتفظت به و حمته من كل ضار و مزعج تسعة أشهر بأكملهم.أنا "أم" هذا الطفل شديد البهجة، بسمته تحييني من جديد و تغسل آلامي و همومي، تجدد أحلامي و تبث بقلبي الإصرار و التحدي لتربية طفل رائع على مبادئ رائعة أسسها لنا رب العالمين ورسوله الكريم. شكرا الهى لهذا المستقبل الصغير الذى أراه ينمو و يكبر أمامي يوما بعد يوم.

24.2.08

لازلت طفلة


لم اكن اعلم من قبل ان بداخلي هذة الطفلة، لقد كنت دوما اشعر انى أكبر من عمري بكثير، فاعتماد أمي على فى كثير من الأمور جعلني أشعر انى فى مثل عمرها و أمارس سلطتها على اخوتي"اعمل كذا" "متعملش كذا" "كدة غلط".....وكثير من هذا المثيل.


و مرت الأيام و أنا على هذا الحال يزداد عمري كل عام من أربع الى خمس أعوام. حتى تزوجت و كسرت الدائرة المغلقة التي كنت أحيا بها-أمي وأخوتي. وتعاملت مع أناس اخرين و مع كل شخص غير أمي و اخوتي كنت أشعر أنى لازلت طفلة-و لا أقول ساذجة. نعم لست بساذجة، ولكنى طفلة قلبها لا زال يحبو، طفلة ضفائرها لازالت تتطاير خلفها، طفلة تخاف و تحزن من كل شئ، طفلة تغنى و تفرح لأقل شئ، طفلة خائرة القوى لا تقوى على أي شئ.......

أرنى دوما على صورة غريبة جدا و لكن هذا ما يسيطر على قلبي و عقلي، فأنا هناك فى تلك الغرفة الكبيرة الخالية من الماء و الهواء و الورود و الطيور و الفراشات، تلك الخالية من النيل و صفحته الفضية تحت ضوء القمر. نعم فأنا التي هنااااك!! تلك الوحيدة فى الغرفة، أرنى أجلس فى تلك الركن البعيد أخبئ وجهي بقدماى و أبكى.

طفلتي!!لما تبكى؟! لما أنت دوما حزينة؟!أتمنى ان ترفعي رأسك صغيرتي، أتمنى ان تملئى الحجرة ماء و هواء و ورود، أتمنى أن تتناثر حولك الفراشات ترشف رحيق الورود ويجرى النيل يتراقص على نبضات قلبك يستعد لملاقاة ضوء القمر، أتمنى أن تكبري طفلتي، أتمنى أن يشتد قلبك و يقوى عوده، أتمن أن تقصى عنك تلك الضفائر البلهاء، أتمنى أن يموت الخوف بداخلك، أتمنى أن تقاومي الفشل و الحزن، قاومي الى أن تصبحي أنت أنت، قاومي الى أن تعودي أكبر فى كل سنة أربع أو خمس سنوات.

17.2.08

كل سنة و انت معايا

كنا اخر الشهر و كان عيد ميلاده، هو من ملك قلبى بيديه، هو الذى لا يفوت فرصة دون ان يعبر لى عن حبه.

و الان هذه اللحظة المناسبة كى ارد له بعض الأحاسيس و المشاعر و لكن ليس بيدى فلازال هناك اكثر من ثلاثة ايام على الراتب،ماذا أفعل.........؟

لقد قررت ان أعبر عن مشاعرى بشكل عملى و أخذت إذنا من من عملى و ذهبت الى المنزل. و أنا بطريقى كنت أشعر بقدماى يسبقانى و قلبى يتشاجر معهم ويقول أسرعوا أسرعوا. وتركت ابنى عند المربية كى أستطيع أن أقوم بصنع بعض الحلويات و المعجنات بيدى، أقل ما يمكن أن أعبر به عن مشاعرى و أحاسيسى تجاهه. و فى ميعاد انتهاء العمل ذهبت لأحضر ابنى و اصطحبته معى الى المنزل و لا أستطيع أن أنسى شكلى و أنا مبللة الملابس أحاول ترتيب ما أفسدته ساعات عملى الطوال على أمل ان زوجى سيتأخر قليلا لقضاء بعض الأعمال.

و فجأة و أنا وسط العجين و الكراكيب و المياة تتساقط من يدى و صوت بكاء ابنى-الذى أراه فى المناسبات و الأعياد- يعلو و يعلو دق جرس الباب و اصفر وجهى وتوقف قلبى و تحجرت مقلتاى و عجز لسانى عن النطق وانتابتنى حاله غريبة، أريد ان أضحك و أبكى، لقد جاء زوجى مبكرا عن ميعاده، يا لها من هدية جهزتها له!!! كركبة فى المنزل، امرأة فى أبشع صورها، طفل يبكى وطعام نصفه ناضج و النصف الآخر يأبى النضج كأنه يعاندنى.

ودخل زوجى و يديه خلف ظهره و كنت أقول بداخلى انه يمسك بيديه شاكوشا سيهشم به رأسى. ولكنه أظهر يديه و بهما........وردة حمراء لم أر أجمل منها و قال لى "كل سنة و انت ديما معايا" فنظرت له كأنى أراه لأول مرة فهذا عيد ميلاده الثانى بعد زواجنا، وشتان بين هذا العام و العام الماضى الذى كان فى أول زواجنا وتعجبت و قلت له"مين يجيب لمين؟!"وذاب قلبى عندما قال "لأنا اللى ديما أجيب، يكفينى انك فكرتى تسعدينى على حساب نفسك و شغلك".

فهل هناك أجمل و أرق و أروع من ذلك الرجل؟!.........أشك.

16.2.08

ذرات سعادة

اليوم كعادتى دخلت مكتبى و لم اجد عندى عمل اقوم به ففتحت مدونتى و بحثت عن مدونة غادة"مع نفسى" و تصفحتها و بجانى فنجان القهوة المصرى الذى يذكرنى بمصر و شوارعها و أناسها و شعرت بقلبى يتخلله ذرات سعادة، لن اكذب و اقول سعادة غامرة و لكنى سعيدة، لقد و جدت عالما رائعا اتمنى ان اصبح احد افراده، وحاولت ان اتعرف على غادة حتى تشاركنى وحدتى التى من المفروض الا يكن لها سبيل بحياتى، و لكنها اقوى منى و من ظروفى حيث انها قهرتنى و تغلبت على و طوقتنى و جعلت عقلى و قلبى اسير لها.

ها هنا انا انتظر عالما رائعا فى تصورى، اتمنى الا يخدعنى خيالى و ان تتكاثر ذرات سعادتى لتملأ قلبى و تطرد منه الوحدة و الحزن

تجبر طين

عندما تشتد الازمات نخضع و نتوب و نتذلل اليك
و عندما تنتهى و تناصرنا و تكن بجانبنا...ننسى و نتجبر و نتكبر
كأننا شئ و كلنا لا شئ...الكل يتعامل كأنه الافضل ....
و كل هذا هباءا فالكل لا شئ، فكلنا ما الا كتلة من التراب و الطين
فيالها من مفارقة عندما يتجبر التراب و يتكبر الطين

15.2.08

احلام شاخت

ليل طويل لا ينتهى، ساعات كأنها ايام و ايام كأنها سنين طوال لا تمر، مرارة تزداد، قلوب تخلو من الحياة و عقول لا تتعب و لا تمل، وانا اتناثر على اشلاء حياة، لا املك سوى احلام من كثر الكبر شاخت و اوشكت على الموت، و اقلام جفت بعدما كانت تتلاعب بالكلمات، و قلب ثقيل خالى من النبض بعدما كانت تتراقص على نبضاته حياة الكثيرين.
ولكن هناك سراج فى ليلى المظلم، هناك يد حنون و بسمة مشرقة اتمنى لهما نهار طويل لا ينتهى ابدا